تمثل فلسفة النيروجيكو تحولًا جذريًا في فهم الذات والوعي في عصر الذكاء الاصطناعي المعزز، حيث تتجاوز الكوجيتو الديكارتي الذي ربط الوجود بالتفكير الذاتي، لتعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والتفكير في إطار تفاعلي وهجين. لم يعد أنا أفكر، إذن أنا موجود كافيًا لوصف الإنسان المعاصر، بل أصبح التفكير فعلًا موزعًا تشارك فيه الخوارزميات والأنظمة الذكية، مما أدى إلى إعادة تعريف الذات بوصفها كيانًا معرفيًا يتشكل من خلال التفاعل المستمر مع الذكاء الاصطناعي، منفتحة على شبكات التفكير الاصطناعي، تتغذى منها وتعيد تشكيل نفسها عبرها. في هذا السياق، لم يعد الوعي ناتجًا فقط عن التأمل الداخلي، بل أصبح معززًا بالخوارزميات، قادرًا على التوسع خارج الحدود البيولوجية، والتفاعل مع بيانات ضخمة، واتخاذ قرارات أكثر تعقيدًا. كما أن الهوية لم تعد ثابتة أو جوهرية، بل أصبحت ديناميكية، تتغير بتغير أدوات التفكير، وتُعاد صياغتها في كل لحظة تفاعل بين الإنسان والآلة، حيث يرى النيروجيكو أن الإنسان 2.0 هو كائن يتشكل باستمرار، لا من خلال ما يفكر فقط، بل من خلال كيف يفكر ومع من يفكر. ولم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل تحول إلى شريك معرفي في إنتاج المعنى، وصياغة القرارات، وبناء سرديات جديدة عن الذات والعالم، ليصبح بمثابة مرآة رقمية تعكس الذات وتعيد تشكيلها. وهكذا، لا يُقصي النيروجيكو الكوجيتو، بل يُعيد تأويله، ليطرح سؤالًا وجوديًا جديدًا وهو هل يمكن للوعي أن ينجو في عصر تُعاد فيه كتابة الذات بلغة الكود؟


ج.م350 
  • الشحن: 


أعرف أكثر